تشريف الله تعالى له صلى الله عليه وسلم بكونه أول الأنبياء خلقا:
روى أبو إسحاق الجوزجاني في تاريخه، وابن أبي حاتم ، في تفسيره عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كنت أول الأنبياء خلقا وآخرهم بعثا "وروى ابن إسحاق عن قتادة مرسلا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، " كنت أول الناس في الخلق وآخرهم في البعث .
وروى أبو سعد النيسابوري في " الشرف "، وابن الجوزي في " الوفا " عن كعب الأحبار ، قال: لما أراد لله سبحانه وتعالى أن يخلق محمدا - صلى الله عليه وسلم أمر جبريل أن يأتيه بالطينة التي هي قلب الأرض وبهاؤها ونورها، فهبط جبريل في ملائكة الفردوس وملائكة الرفيق الأعلى، فقبض قبضة رسول الله صلى الله عليه وسلم من موضع قبره الشريف، وهي بيضاء نيرة، فعجنت بماء التسنيم في معين أنهار الجنة، حتى صارت كالدرة البيضاء لها شعاع عظيم، ثم طافت بها الملائكة حول العرش والكرسي والسماوات والأرض، فعرفت الملائكة محمدا صلى الله عليه وسلم قبل أن تعرف آدم أبا البشر، ثم كان نور محمد صلى الله عليه وسلم - يرى في غرة جبهة آدم وقيل له: يا آدم هذا سيد ولدك من المرسلين.
فلما حملت حواء بشيث انتقل النور من آدم إلى حواء، وكانت تلد في كل بطن ولدين إلا شيثا فإنها ولدته وحده كرامة لمحمد صلى الله عليه وسلم، ثم لم يزل النور ينتقل من طاهر إلى طاهر إلى أن ولد صلى الله عليه وسلم.
وفي كتاب الأحكام للحافظ الناقد أبي الحسن بن القطان : روى علي بن الحسين ، عن أبيه عن جده مرفوعا: ( كنت نورا بين يدي ربي عز وجل قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام).
وروى الحافظ محمد بن عمر العدني شيخ مسلم في مسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما أن قريشا - أي المسعدة بالإسلام - كانت نورا بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم بألفي عام يسبح ذلك النور وتسبح الملائكة بتسبيحه.
قال ابن القطان: فيجتمع من هذا مع ما في حديث علي: أن النور النبوي جسم بعد خلقه باثني عشر ألف عام وزيد فيه سائر قريش وأنطق بالتسبيح.
وروى سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي وابن عساكر،عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما خلق الله تعالى آدم خبره ببنيه، فجعل يرى فضائل بعضهم على بعض، فرأى نورا ساطعا في أسفلهم، فقال: يا رب من هذا ؟ قال: هذا نبيك أحمد وهو أول وهو آخر ".ولفظ سعيد والبيهقي: " هو أول من يدخل الجنة.فقال: الحمد لله الذي جعل من ذريتي من يسبقني إلى الجنة ولا أحسده ".
الدلالات المستفادة مما سبق:
1/ تقدم خلق النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
2/ أنه خاتم الأنبياء.
3/ أن كل آدمي يدفن في الأرض التي خلق منها.
4/ معرفة أهل الملأ الأعلى لنبينا محمد قبل إن يعرفوا نبي الله آدم.
5/ تأكيد القول بنورانية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم التي لا تناقض بشريته.
6/ أنًّ نبينا محمد أول الأنبياء دخولا إلى الجنة.
خلق آدم وجميع المخلوقات لأجله صلى الله عليه وسلم:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أوحى الله تعالى إلى عيسى: " آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وأمر أمتك أن يؤمنوا به، فلولا محمد ما خلقت آدم ولا الجنة ولا النار، ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن ".رواه أبو الشيخ في طبقات الأطبهانيين، والحاكم وصححه، وأقره السبكي في شفاء السقام، والبلقيني في فتاويه.ولبعضه شاهد من حديث عمر بن الخطاب رواه الحاكم .قال الإمام جمال الدين محمود بن جملة: ليس مثل هذا للملائكة ولا لمن سواه من الأنبياء. وروى الديلمي في مسنده عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أتاني جبريل فقال: يا محمد إن الله يقول لولاك ما خلقت الجنة، ولولاك ما خلقت النار ".ويروى عن سلمان رضي الله تعالى عنه قال: " هبط جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن ربك يقول لك: " إن كنت اتخذت إبراهيم خليلا فقد اتخذتك حبيبا، وما خلقت خلقا أكرم علي منك، ولقد خلقت الدنيا وأهلها لأعرفهم كرامتك ومنزلتك، ولولاك ما خلقت الدنيا ".
وفي فتاوي شيخ الإسلام البلقيني أن في مولد العزفي و " شفاء الصدور " لابن سبع، عن علي رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه قال: " يا محمد وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت أرضي ولا سمائي ولا رفعت هذه الخضراء، ولا بسطت هذه الغبراء ".قال: وذكر المصنفان المذكوران في رواية أخرى، عن علي رضي الله تعالى عنه أن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: (من أجلك أبطح البطحاء وأموج الماء وأرفع السماء وأجعل الثواب والعقاب والجنة والنار).
الدلالات المستفادة مما سبق:
1/ خلق الدنيا والآخرة لأجل التعريف بسيدنا محمد صلى عليه وسلم.
2/ كرامة سيدنا محمد عند ربه.
3/ كتابة أسم سيدنا محمد على العرش.