لذاتي بذاتي لا لكم أنا ظاهر
لذاتي بذاتي لا لكم أنا ظاهر
*** وما هذه الأكوان إلا مظاهر
تقيدت والإطلاق وصفي لأنني
*** على كل شيء حين لا حين قادر
ومرتبة التقييد أظهرت رحمة
*** ومرتبة الإطلاق أني ساتر
وتلك بمخلوق وهدي بخالق
*** تسمت وفي التحقيق أين التغاير
وأحببت بالتكليف إظهار حكمة الظهور
*** وحكمي ما أنا فيه جائر
وصوني لأفعالي عن العبث اقتضى
*** خطابي ومن لم يتمثل فهو كافر
جسوم وأعراض تلوح وتختفي
*** وما هي للمحبوب إلا ستائر
وخلف حجاب الكون ما أنت طالب
*** ومن لفظه المقهور يلزم قاهر
تأمل حروف الكائنات فإنها
*** تشير إلى معنى به أنت حائر
وبرق الحمى هذا الوجود وميضه
*** ولكن بما تجنيه تعمى البصائر
فيا ظاهرا في خلقه وهو باطن
*** ويا باطنا في أمره وهو ظاهر
تجليت لي في كل شيء ولم أكن
*** سواك فمنظور كما أنت ناظر
وللقلب مني قد ظهرت بكل ما
*** ظهرت ولم تنكرك مني الخواطر
بكل مليح بل بكل مليحة
*** تراءيت حتى حققتك الضمائر
وما مذهبي حب المظاهر إنما
*** أحب الذي دلت عليه المظاهر
أما ومقام البيت والحجر الذي
*** عهدناه قد دارت عليه الخناصر
لأنت المنى والقصد يا غاية المنى
*** وإن لامني فيك القنا والبواتر
وما ملت يوما عنك للغير سلوة
*** وكيف ويا نوري معي أنت حاضر
وأنت رفيقي لا رفيق سواك لي
*** وإن أنا عن إيفاء حقك قاصر
أحبك لا بي بل بك الحب منه
*** علي كما أني بك الآن شاكر
يقول عذولي لا تخاطر بقربه
*** وهل يدرك المأمول إلا المخاطر
وإني لأدري أن طرق وصاله
*** تدور على الأقوام فيه الدوائر
ولكن له سلمت نفسي فإن يرد
*** هداها وإن يضلل فما هو جائر
وماذا عسى نفسي تعادل في الورى
*** فمن أجلها عن مالكي أنا نافر
فررت به مني إليه لأنني
*** تحققت أن لا غير والأمر ظاهر
فكان اضطرارا كون قلبي موحدا
*** له وبه لأبي أنا اليوم ذاكر
أهيم بأنفاس النسيم وإنني
*** بطيب الحمى لا بالنسائم عاطر
وأظهر أني قد ظفرت بعلمهم
*** وقلبي بذات الخال لا العلم ظافر
ودونك شرعي إن هويت طريقتي
*** فإني مدى عمري إلى الحب سائر
وكن هكذا مثلي فقيرا من السوى
*** ومن نفسه تأتيك منك الذخائر
وغب عنك وامح نقطة الغين ثابتا
*** وغص في بحار الجمع تبد الجواهر
ولأنك من قوم أماتت ذنوبهم
*** نفوسا لها الأجسام منهم مقابر
فإن طريق الحق سهل سلوكه
*** وأوضح منه ليس يدرك ناظر
وليس بذكر أو بفكر تناله
*** سوى بالصفا والمحو عما يغاير
وهذا حجاب النفس يصعب خرقه
*** وعقلك منه وهو للحق ساتر
فمت في الهوى تحيى وأغمض عن السوى
*** تقر بذاك الوجه منك النواظر
طلبت مقاما بذل روحك شرطه
*** وأنت على ما أنت ناه وآمر
وما هكذا شرط الهوى إن ترد فرد
*** فناء الفنا وانس الذي أنت ذاكر
ووطن على الإنكار نفسك والأذى
*** فمن عسلا يجني على النحل صابر
وقد كثرت فيه العواذل غيره
*** وقل لطلاب الحقيقة ناصر
فإن شت فاقدم هكذا الشرط بيننا
*** وإلا فلا تقدم لأنك آخر