الطرق الصوفية على العموم مدارس واضحة المعالم لكل ذو بصيرة نافذة و عقل منير وذوق رفيع ، أنشأها علماء ربانيون سالكون طريق المصطفى صلى الله عليه وسلم ، قائمون بأمره ، مرادهم إرشاد العباد إلى طريق مولاهم ، و غاية سالكيها السير للوصول إلى معرفة الله على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والطريقة منهج سلوكي تربوي يدل و يهدي إلى سبيل الرشاد غايته تزكية النفوس و السمو بالأرواح إلى مدارج سير الكمال و إدراك مقام الإحسان وهو منهج يقترن فيه العلم بالعمل قائم على كتاب الله و سنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وأصوله التوبة والخوف والرجاء والحزن والقناعة والزهد والورع والتوكل والصبر والشكر ومجاهدة النفس والرضاء بالقضاء وترك الإلتفات لأحوال العباد وآداء الحقوق.
وهي طريق معلوم لدى سالكيه يرشدك ويدلك وينير لك مسالكه و دروبه شيخ عارف بالله خبير بطب القلوب ، و يتم الانتماء إليها بأخذ العهد و قد قال الله تعالى " الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فأسأل به خبيرا " الفرقان 59 ، وقال تعالى" أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسالكم عليه أجراً إن هو إلا ذكر للعالمين" الأنعام 90 وقال تعالى " قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا" الكهف 66 ، و الانتماء للطريقة يعني الالتزام بكتاب الله و سنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم إذ أنها في حد ذاتها مستمده من الكتاب والسنة .
وفي الطرق الصوفية تجد الصحبة الصادقة التي لها أثر عميق في أخلاق المرء وسلوكه إذ أن الصاحب يتأثر بصفات صاحبه ،و الإنسان إذا اختار صحبة أهل الإيمان والتقوى و الاستقامة فلا يلبث أن يقتدي بهداهم و يسمو و يرتفع إلى أوج علاهم و في الحديث قال صلى الله عليه وسلم (الأرواح جنود مجنده ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف).
وقال الشاعر
إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم
ولا تصحب الأردى فتردى في الردى
عن المرء لا تسأل و سل عن قرينه
فكل قرين بالمقارن يقتدي
و الطريقة المكاشفية هي إحدى هذه الطرق الصوفية أرسى قواعدها ووضع أساساها و بين أصولها و آدابها للسالكين قولاً وعملاً الشيخ العارف بالله عبد الباقي المكاشفي وكذا بين لوازمها و بين طريقة الإتباع. وقد ألف الشيخ لسالكي هذه الطريقة خاصة ولعموم الناس عامة مؤلفات في كل ما يحتاجون إليه من علوم التوحيد والفقه و التصوف كي يتعلموا أمر دينهم قال تعالى " وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ، ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " التوبة 122.
ومنذ نشأتها عام 1311 هـ حتى يومنا هذا هي منارة للإرشاد بفضل الأستاذ الشيخ المكاشفي رضي الله عنه الذي علم القرآن وعلوم الشريعة و أرشد العباد ودل على طريق الله القويم و أقام المساجد و الخلاوي وكذلك بفضل أبنائه الأبرار الوارثون علومه وتلاميذه الأكابر الذين صدقوا مع الله فعرفوا سبل الوصال.
الطريقة المكاشفية لها دور ثابت و فعال في نشر الإسلام في بقاع الأرض المختلفة والفضل في ذلك يرجع إلى نهج الطريقة الذي يعي الواقع و يواكب حركة الإيقاع الدعوى العالمي و الذي يتفهم ما تتطلبه الدعوة من وسائل حتى تنفذ إلى أبعد مكان ، ذلك النهج الذي تذوب فيها النظرات العرقيه وتتلاشى فيه الحواجز و الفرو قات الاجتماعية بفضل تعاليمها وآدابها المستمدة من الكتاب والسنة .
ولأنها تدرك تماماً أن العمل الدعوى هو عمل الأنبياء والمرسلين ربت الطريقة أبناءها و تلاميذها واعدتهم إعدادا ً تاماً ليقوموا بأعباء الدعوة و نشر الإسلام و ربتهم على الصبر والمثابرة وعلى تحمل الأذى والبلايا الناتجة عن اختلاف المفاهيم وأورثتهم الحكمة وزودتهم بنور البصيرة حتى يصلوا لمقصدهم و كذا ربتهم على العزلة حتى يكون متنزهين عن الضغائن وأمراض المجتمعات وحتى يروضوا أنفسهم على اقتحام المشاق وكذا ربتهم على الزهد ليكون الفرد منهم مستغنياً عما في أيدي الناس و ربتهم على الكرم و العطاء و على المسامحة حتى إذا أدرك الفرد منهم هذه الصفات و الخصال صار يمتلك خصال الداعية الناجح و أصبح ذو تأثير على من حوله.